
لكل خيار، شرارة من التغيير، ولكل قرار صغير يتم اتخاذه اليوم، تأثيرات متضاعفة تحمل إمكانيات مؤثره على العالم.
تتولد حقائق جديدة، وتصل اصداؤها وأثرها حول العالم. قم باستكشاف عالمك، واترك الأحداث تنكشف بطريقتها الخاصة.
مثل نبض جناح الفراشة، دع صدى الأحداث يتضاعف بتأثيره على عالمك،
ما هي التحولات التي ستشهدها؟
تحفّز تجربة «ابتكارات الحكومات الخلاقة» الزائرين على التفكير بطرق جديدة غالباً ما تكون غير اعتيادية للتوصل إلى حلول مبتكرة لأهمّ التحديات التي تواجه عالمنا اليوم. وتتلخص الغاية الأساسية من عرض أفضل المشاريع المبتكرة في توفير المعلومات وتحفيز التفكير المبتكرمن خلال التجربة، هذا بالإضافة إلى تشجيع الزائرين على التواصل مع المبتكرين الذين أرسوا أفضل الممارسات من خلال المشاريع المبتكرة المعروضة بغية تبنّي المنهجيات المعتمدة فيها ودمجها وتكييفها كل ضمن السياق المناسب له. وبالتالي توفّر التجربة للزائرين رحلة استكشافية غامرة يخرجون منها وقد تملكتهم رغبة في الانكباب على العمل لتحويل تلك الابتكارات التي شاهدوها إلى منهجيات عمل ثابتة وراسخة.


يواجه صناع السياسات تحديات متزايدة التعقيد والتداخل، خاصة في أوقات الأزمات. ومع ذلك، لا تزال الأدوات المتاحة لهم تعتمد في الأغلب على نهج منعزل ورؤية محدودة، مما قد يعيق قدرتهم على التعامل بفعالية مع هذه التحديات المتشابكة.
استلهمت شركة ""Dragonfly Thinking""، الناشئة في مدينة كانبيرا في استراليا، منهجية مختلفة مبنية على نموذج عين حشرة اليعسوب ""Dragonfly""، التي تحتوي على آلاف العدسات التي تعمل معًا لتوفير رؤية بانورامية بزاوية 360 درجة. من خلال الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ساعدت الشركة صناع السياسات على كشف زوايا جديدة، وتبسيط التعقيدات، والتنبؤ بالمخاطر المتداخلة. وقال عالم النفس فيليب تيتلوك، أن الأفراد الذين يمتلكون ""رؤية عين حشرة اليعسوب""— أي القدرة على تحليل القضايا من وجهات نظر متعددة— يتميزون بدقة تنبؤية أعلى من الخبراء الذين يركزون على زاوية واحدة فقط، مما يمنحهم فهماً أكثر شمولية ودقة للمشهد العام. تقوم الحكومة الأسترالية حاليًا باختبار هذه المنهجية من خلال مشروع المرونة الوطنية، حيث يقوم معهد البحوث الاقتصادية المتكاملة في أستراليا (IIER-A) بتطبيق مفهوم ""رؤية عين حشرة اليعسوب"" لتعزيز الاستجابة للتحديات الكبرى، بما في ذلك الأمن السيبراني، والتكيف مع تغير المناخ، ومخاطر سلاسل التوريد، والاستقرار الاقتصادي.
في عالم يعتمد بشكل متزايد على التخصص، يبرز مفهوم ""رؤية عين حشرة اليعسوب"" كوسيلة لتعزيز التفكير الشمولي، مما يمّكن صناع القرار من دمج وجهات نظر متعددة، واتخاذ قرارات أكثر وضوحًا واستنارة، وتعزيز قدرتهم على التنبؤ بالتطورات المستقبلية. كيف يمكننا الاستفادة من التكنولوجيا لتعزيز طرق تفكيرنا وإعادة النظر في افتراضاتنا الراسخة؟




على الرغم من وفرة بيانات الأقمار الصناعية، لازال هناك تحدي في توفير معلومات دقيقة للمزارعين - كموعد زراعة المحاصيل أو التنبؤ بتفشي الأمراض، بالأخص في المناطق النائية. فجمع البيانات الميدانية عملية بطيئة ومكلفة وغير فعالة.
بالتعاون مع وكالة ناسا، أحدث مشروع ""خُوّذ رصد المحاصيل"" ثورة في عملية مراقبة الزراعة من خلال تزويد المواطنين – مثل سائقي الدراجات النارية، والطلاب، وأفراد المجتمع – بكاميرات GoPro مثبتة على خوذهم. وقد تم تطبيق هذه المنهجية في 7 بلدان، وتم اعتمادها من قبل جهات حكومية في كينيا وزامبيا وأوغندا لتحسين التخطيط الزراعي وصنع السياسات.
من خلال خفض تكاليف ومدة جمع البيانات بنسبة تصل إلى 90%، نجح المشروع في إنتاج أكثر من 4.4 مليون صورة و16,000 نقطة بيانات جغرافية، مما أدى إلى تحسين دقة رسم خرائط المحاصيل بنسبة 76.5%. وبالاستفادة من المعرفة المحلية وإنشاء قواعد بيانات مفتوحة المصدر تدعم الابتكارالتكنولوجي المحلي، يدعم هذا الحل المبتكر 10 ملايين من صغار المزارعين ويعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة لتغير المناخ.
ما هي الإمكانيات التي يمكننا تحقيقها عندما يصبح المواطنون مساهمين رئيسيين في الحلول العالمية؟
ماذا لو كان كل مواطن جزءًا من الحلول العالمية التي يتم تطويرها؟



تواجه المدن الحديثة تحديات ومتغيرات متسارعة تشمل تحولات اقتصادية، وأنماط تنقل متغيرة، وأسواق عمل ديناميكية، ما يجعل التخطيط الحضري التقليدي القائم على قوانين تحديد المناطق والأماكن، غير قادرعلى التكيف مع هذه المتغيرات، مما يؤدي إلى عدم الاستفادة الكاملة من العقارات وبالتالي تُفقد الفرص الاقتصادية والاجتماعية وتتضاءل حيوية المدن واستدامتها.
لمعالجة هذا التحدي، أطلقت مدينة دايغو في كوريا الجنوبية بالتعاون مع الوكالة الوطنية لتعزيز تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (NIPA) التابعة لوزارة العلوم والتكنولوجيا، شراكة مع منظمة "Dark Matter Labs" غير الربحية، المتخصصة في ابتكار الحلول المدنية. تهدف هذه المبادرة إلى إعادة تصور التراخيص عبر نهج مرن يحدّ من البيروقراطية ويسمح باستخدام المساحات بناءً على الطلب، ووفقًا لاحتياجات المدينة المتغيرة.
يركز المشروع التجريبي على إحياء المباني التاريخية الشاغرة في وسط المدينة، والتي ظلت غير مستغلة بسبب التعقيدات التنظيمية. من خلال تبسيط إجراءات التراخيص، يتيح المشروع إعادة توظيف هذه المساحات بسهولة لأغراض مثل متاجر البيع المؤقتة، وورش العمل، والفعاليات الثقافية، مما يعزز النشاط الاقتصادي والاجتماعي. يعتمد هذا النهج على دمج بيانات إنترنت الأشياء (IoT) في الزمن الحقيقي لمتابعة استخدام المساحات، وهيكلية رقمية مفتوحة لتسهيل مشاركة البيانات بين الأطراف المعنية، وآليات تحقق اللامركزية (Peer-to-Peer Verification) لدعم الحوكمة المجتمعية. بعد نجاح التطبيق الأولي في كوريا الجنوبية، بدأت المملكة المتحدة في تجربة هذا النموذج المبتكر، حيث تشيرالبيانات الأولية إلى تحقيق نتائج إيجابية تشمل: خفض التكاليف التشغيلية وتسريع إجراءات التراخيص، واستغلال المساحات غير المستخدمة وتعزيز مشاركة المجتمع المحلي، والحد من الجريمة والتخلص غير القانوني من النفايات من خلال إعادة تفعيل الأحياء المهجورة. ويمكن تحويل المساحات غير المستغلة إلى مراكز إيرادات، من خلال أنشطة مثل الأسواق المؤقتة، والحدائق المجتمعية، وصفوف اليوغا، والفعاليات الثقافية مما يجعل المدن أكثر مرونة وشمولية واستدامة. مع استمرار المدن في البحث عن حلول مبتكرة، إلى أي مدى يمكن أن يسهم تقليل الأعباء الإدارية في خلق فرص جديدة وتعزيز حيوية المجتمعات الحضرية؟







ماذا لو كان مفتاح فهم الاقتصاد العالمي يكمن في جهاز منزلي نستخدمه يوميًا: الثلاجة؟
في حين تعتمد معظم صناديق الاستثمارعلى التحليلات الكمية التقليدية، يتبنى صندوق "Trinetra" البريطاني منهجية تعتمد على "الإثنوغرافيا السريعة والتعاونية" (FACE)، حيث تقوم بتحليل محتويات الثلاجات في 15 سوقًا رئيسيًا، بما في ذلك الهند والصين وإندونيسيا. تتيح هذه المنهجية التفاعلية للباحثين التعمق في سلوكيات المستهلكين اليومية، ليس فقط لفهم ما يستهلكه الناس، بل أسباب الاستهلاك أيضاً، مما يساعد في الكشف عن القيم الاجتماعية والتوجهات في مراحلها الأولى قبل أن تظهر في تقارير السوق التقليدية، وتقديم رؤى قابلة للتنفيذ في غضون 7 إلى 10 أيام فقط.
ساهم تحليل محتويات الثلاجات بشكل مباشر في تشكيل استراتيجيات الاستثمار لصندوق "Trinetra". فعلى سبيل المثال:
في الهند: كشف التحول من تحضير البانير في المنزل إلى شراء الجبن الجاهز عن تزايد الطلب على المنتجات التي تعزز الكفاءة والارتقاء الاجتماعي، مما دفع الصندوق إلى الاستثمار في العلامات التجارية للسلع الاستهلاكية الجاهزة (FMCG). في إندونيسيا: أظهرت أنماط الاستهلاك أن الأمهات العاملات يعتمدن بشكل متزايد على حليب جوز الهند المعبأ وخليط التوابل الجاهز لتحقيق توازن بين العمل والأسرة. استجابة لذلك، استثمر الصندوق في منتجات الألبان الموجهة لراحة المستهلك، وهو قرار أدى إلى زيادة الإيرادات بنسبة 18%.
في الصين: أظهرت البيانات أن العمال المهاجرين العائدين إلى المناطق الريفية يجلبون معهم أنماط استهلاك حضرية مثل الزبادي والصلصات المتخصصة والمكملات الغذائية، مما يعكس تأثير المدن على الأنظمة الغذائية التقليدية. ومع تحول التوجه نحو أطعمة صحية ذات طابع عالمي، اتخذ الصندوق قرارًا استراتيجيًا بالابتعاد عن الاستثمارات في الوجبات السريعة لصالح الأطعمة النباتية ومنتجات الألبان، مما أدى إلى تحقيق بعض الشركات لنمو سنوي بنسبة 15%.
تعكس هذه النتائج بأنه كيف يمكن للتحليلات النوعية المبتكرة أن توفر رؤى معمقة لا تستطيع البيانات وحدها الكشف عنها، مما يمكّن صناع القرار من توجيه الاستثمارات والسياسات بشكل أكثردقة وفعالية.
ما هي الرؤى الأخرى التي يمكن اكتشافها إذا تجاوزنا التحليلات التقليدية نحو أساليب أكثر ابتكارًا لفهم الأسواق والمجتمعات؟


مع تزايد الطلب على الموارد الجينية وتطور التكنولوجيا الحيوية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، أصبح بالإمكان ابتكارمُركبات جديدة تتجاوز ما هو موجود في الطبيعة. ومع ذلك، فإن المجتمعات المحلية التي حافظت على هذه الموارد لمئات السنين، غالبًا ما تكون مستبعدة من الاستفادة من هذه الابتكارات.
تعد الكاميرون موطنًا لأحد أغنى النظم البيئية عالميًا، إلا أن مواردها الجينية لا تزال غير مستغلة بالكامل، حيث تمت دراسة ألف نوع من الجينات، ولم يُمنح سوى أقل من 20 نوعًا براءات اختراع، معظمها من قبل مؤسسات أجنبية. في عام 2016، اتخذت الكاميرون خطوة غير مسبوقة بالمصادقة على "بروتوكول ناغويا" التابع للأمم المتحدة بشأن الوصول وتقاسم المنافع (ABS)، لتصبح الدولة الوحيدة التي وضعت إطارًا قانونيًا يضمن مشاركة المجتمعات المحلية في عملية المسح الجيني.
بفضل هذا الإطار، دخلت "Basecamp Research"، وهي شركة متخصصة في التكنولوجيا الحيوية، في شراكة مع حكومة الكاميرون والمنظمات المحلية لتطوير أول اتفاقيات (ABS) في إفريقيا تتعلق بالمعلومات الرقمية المتسلسلة (DSI). يسمح هذا النموذج للصناعات الحيوية بالوصول إلى البيانات الجينية مثل تسلسل الحمض النووي للنباتات والحيوانات والميكروبات، مع ضمان استفادة المجتمعات المحلية منها ماليًا وعلميًا.
ضمن هذه الاتفاقية، تشارك أربع مجتمعات محلية في جمع عيّنات التنوع البيولوجي، وتتلقى عوائد مالية مباشرة عند استخدام هذه الموارد في تصميم بروتينات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتطبيقات طبية وحيوية. بالإضافة إلى ذلك، تحصل هذه المجتمعات على رسوم مقابل كل عينة يتم جمعها، ما يضمن دخلاً مستدامًا، وتشارك في اتخاذ قرارات جماعية بشأن كيفية تخصيص الأموال، وتستفيد من برامج تدريب علمي. كما يتم توظيف أفراد من هذه المجتمعات كمرشدين بيئيين وجغرافيين، حيث يستخدمون معارفهم التقليدية لمساعدة العلماء، مما يوفر لهم مصدر دخل بديل.
لم يعد هذا النموذج محصورًا بالكاميرون، بل توسّع ليشمل 37 مجتمعًا محليًا في 13 دولة، مما يدعم مشاريع ابتكارية مثل تصميم إنزيمات قادرة على تحلل البلاستيك وتطوير حلول صناعية مستدامة.
ماذا لو لم يكن حفظ التنوع البيولوجي مجرد مسؤولية بيئية، بل فرصة لبناء نظام اقتصادي جديد ليشمل الجميع؟


مع زيادة المتغيرات والاضطرابات العالمية تتزايد حاجة الحكومات لفهم ديناميكيات النظام الاقتصادي بأكمله، ووضع سيناريوهات مستقبلية للتداعيات والأحداث المحلية. يُعد "نموذج التوأم الرقمي للأغذية" في العالم هو الأول من نوعه، وهوبمثابة تحول جذري في كيفية تعامل الحكومات والمؤسسات مع الأمن الغذائي. وعلى الرغم من أنه لا يزال في مراحله الأولى، إلا أنه أثبت إمكانيته في إعادة تشكيل عملية صنع القرار.
من خلال الاستفادة من صور الأقمار الصناعية ونماذج المحاصيل وبيانات البنية التحتية، يرسم النموذج خريطة رقمية تحاكي الواقع الفعلي لحركة الأغذية في الولايات المتحدة، ويحدد نقاط الضعف المتعلقة بمواجهة حالات الاضطراب المؤثرة على توريد السلع الأساسية مثل الظواهر الجوية القاسية كالجفاف وموجات الحر الشديدة.
أصبح بإمكان صنّاع السياسات منع الصدمات المتتالية للأنظمة الغذائية وضمان استدامتها على المستويين الفردي والمجتمعي. لقد أثار هذا الابتكار اهتمام المنظمات الإنسانية وأكثر من 10 جهات حكومية حول العالم لاستكشاف وتقييم إمكاناته في تحليل الصراعات والتحديات. كما أثار الابتكار اهتمام برنامج "ناسا هارفست" لمراقبة الزراعة، ومؤسسة "إكستنشن للعلوم" بهدف تحويل رؤى أنظمة الغذاء إلى خطوات عملية.
ويتم حاليًا تطوير نسخة عالمية تشمل 76 سلعة رئيسية عبر شبكات النقل البحري والسكك الحديدية والطرق. وسيتيح ذلك إجراء تقييمات شبه فورية للاضطرابات الناجمة عن تغير المناخ أو النزاعات أو نقص العمالة، مما يمكّن صانعي القرارات وضع نماذج للتأثيرات المتسلسلة والتخفيف منها.
كيف يمكن أن يتغير العالم عند توفير رؤية متكاملة للأنظمة؟

تعتمد دولة بالاو، وهي جزيرة صغيرة في المحيط الهادئ، على السياحة كمصدر رئيسي للدخل، لكنها في الوقت نفسه تهدد نظامها البيئي وتعرضه للخطر، حيث أدى النشاط المتزايد للزوار إلى إلحاق الضرر بالشعاب المرجانية، وتلويث المحيطات، بالإضافة إلى ممارسة الصيد الجائر لأنواع الكائنات المحمية. ومع محدودية الموارد وقلّة عدد السكان، واجهت الدولة تحدياً واضحاً في إدارة الأثر البيئي السلبي للسياحة.
جاء الحل بشكل بسيط – من خلال سؤال رئيسي واحد، ماذا لو قام السياح بأنفسهم بتنظيم سلوكهم؟
ولذلك، تم تطوير "تعهد بالاو"، وهو أول تأشيرة هجرة في العالم مخصصة للحفاظ على البيئة. حيث يجب على كل زائر التوقيع على تعهد، يتم ختمه في جواز سفره، يلتزم فيه باتباع سياسة السياحة المسؤولة التي تحمي البيئة وتحترم الثقافة المحلية. يهدف التعهد إلى تعزيز التفاعل مع التقاليد الأصلية والحفاظ على هوية بالاو وذلك لضمان أن لا تؤثر فوائد السياحة بشكل سلبي على نظامها البيئي.
حتى الآن، تم توقيع أكثر من مليون تعهّد، وقد حققت المبادرة نتائج ملموسة، بما في ذلك خفض استخدام البلاستيك أحادي الاستخدام بنسبة 50٪. كما ألهم نموذج بالاو للسياحة دولًا مثل نيوزيلندا وهاواي لتبني مبادرات مماثلة.
كيف يمكن أن يصبح الزوار حماة للأماكن التي يكتشفونها؟

أحيانًا، تظهر أهم الابتكارات غير المتوقعة، في أوقات الأزمات. مثلما حصل أثناء الفيضانات الكبيرة التي حدثت في نهر سافيو، حيث وجد مدير منصة إدارة حفلات الروك الموسيقية "Rockin'1000" أن هناك تشابهًا بين مشكلة تنسيق المتطوعين في الأزمات والمشاكل التي يواجهها في تنسيق الحفلات الموسيقية. حيث كانت الحكومات المحلية تواجه صعوبة في إدارة وتنظيم آلاف المتطوعين في مواقع متعددة، لم يكن لديهم الوقت أو الأدوات اللازمة للتعامل مع هذا العدد الكبير من العروض التطوعية.
في غضون يومين فقط، تم تعديل المنصة وإطلاقها تحت اسم "Volontari SOS". وقامت 13 بلدية بتبني الحل الجديد، مما ساعد في تنظيم أكثر من 50,000 متطوع، وقد تم تسجيل أكثر من 20,000 شخص للمساعدة في أكثر من 2,000 مناوبة. وكان دور هؤلاء المتطوعين متنوعًا، بدءًا من إزالة الأنقاض إلى توصيل الطعام.
بالإضافة إلى النجاح الفوري، جذب نموذج المنصة القابل للتوسع والمرونة اهتمام الشركات الخاصة التي تدرس كيفية دمج قوى العمل المرنة. مع وجود قاعدة بيانات ضخمة للمستخدمين المسجلين، تظل المنصة مستعدة للاستجابة لأي طوارئ في المستقبل، وتقدم نموذجًا قابلًا للتكرار والتكيف في مناطق ودول أخرى.
ما هي الموارد المخبأة في مجتمعاتنا التي لم نكتشفها بعد؟ وكيف يمكن للحكومات تسخير إمكاناتها بشكل أفضل؟


يواجه الأفراد الأكثر ضعفًا مثل كبار السن أو أصحاب الاحتياجات الخاصة صعوبة في التعامل مع تعقيدات النظام البيروقراطي، حيث يجدون أنفسهم أمام شبكة من المتخصصين والمؤسسات والقوانين التي تعيق وصولهم إلى الدعم المناسب بأسهل الطرق. في هولندا، تحصل نسبة 5% من العائلات على 50% من المجموع الكلي لموارد الرعاية الاجتماعية، وذلك نظرًا إلى ظروفهم الصعبة التي أدت إلى تزايد احتياجاتهم بشكل كبير. وغالباّ ما تواجه تلك العائلات قيودًا وتعقيدات إدارية تؤدي إلى سماع عبارات مثل "غير مسموح" أو "لا يمكن القيام بذلك".
لمعالجة هذه التحديات، طور "معهد القيم العامة" في هولندا "منهج الاختراق / Breakthrough Method"، الذي يتيح للعاملين في البلديات صلاحية تجاوز العقبات الإدارية وتصميم خطط دعم مخصصة حسب الحاجة، مع تبرير الاستثناءات التي تثبت فعاليتها من حيث التكلفة والأثر الاجتماعي. بمرور الوقت، تتحول هذه الاستثناءات إلى معايير جديدة، تعيد تشكيل طريقة تقديم الرعاية الاجتماعية بحيث تصبح أكثر استجابة لاحتياجات المواطنين. تعتمد هذه المنهجية على مبدأ "التنفيذ أولًا" بدلاً من مبدأ "السياسة أولًا"، كما تعتمد المنهجية على منصة رقمية متكاملة تساعد في تحديد الحالات التي تستدعي استثناءات، وتحديد العقبات التي تعترضها، وتحليل القوانين ذات الصلة لتحديد المساحات التي تتيح مرونة أكبر داخل النظام. تحسب المنصة العوائد المالية لكل حل، مما يمكّن الأخصائيين الاجتماعيين من تقديم تبريرات واضحة لقراراتهم، حتى أمام الأقسام المالية.
تم تطبيق هذا النموذج في أكثر من 100 بلدية، وأسفرت عن تخفيض متوسط التكاليف بنسبة 20% لكل أسرة خلال عامها الأول من التنفيذ. ويرجع معظم هذا التوفير إلى تفادي تكاليف الأزمات المحتملة على المدى القصير. وأفاد 81% من المواطنين الذين تلقوا الخدمات بأن جودة حياتهم قد تحسنت بفضل هذا النهج. وتقدّر دراسة أجرتها شركة Deloitte أنه في حال توسيع تطبيق هذا النموذج ليشمل 15,000 أسرة، يمكن تحقيق وفورات تتجاوز 533 مليون يورو. هذا النهج القابل للتوسّع يوفّر للحكومات وسيلة لتحسين تقديم الخدمات، وخفض التكاليف طويلة الأجل، وتعزيز السياسات الاجتماعية التي تضع المواطنين في صميم عملية اتخاذ القرار. سيعمل المعهد في عام 2025 على تطوير الأداة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يتيح للأسر الوصول المباشر إليها دون الحاجة إلى الاستعانة بالخبراء.
ماذا لو أصبحت البيروقراطية وسيلة لدعم الأفراد بدلًا من أن تكون عقبة في طريقهم؟

ماذا لو.. لم يكن ضمان توفير مياه نظيفة في المدن يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة، بل على حلول مستمدة من الطبيعة نفسها؟
تُجرى اختبارات جودة المياه التقليدية على فترات متباعدة، مما يترك فجوات خطيرة في الكشف عن التلوث. لكن الطبيعة قد توفر آلية مراقبة دقيقة وغير مكلفة. فقد اكتشف فريق أبحاث حماية المياه في جامعة آدم ميكيفيتش في بولندا أن المحار قادر على استشعار التلوث بنفس الدرجة والدقة التي تحددها معايير سلامة المياه القانونية، وهو اكتشاف تحقق بعد دراسة سلوك هذه الكائنات.
قاد هذا الاكتشاف إلى تطوير نظام حيوي لمراقبة جودة المياه يعتمد على المحار، مما يوفر حماية مستمرة وفورية لمصادر المياه ومحطات المعالجة والنظم البيئية. يتطلب هذا النظام أدنى حد من الصيانة، حيث يعمل المحار كأجهزة استشعار حية تغلق أصدافها تلقائيًا عند اكتشاف أي ملوثات. يتم تتبع هذه الحركات، مما يؤدي إلى تشغيل إنذار فوري عند اكتشاف تغيرات في جودة المياه. ومن المثير للاهتمام أن هذه الكائنات لا تنام جميعها في الوقت نفسه، إذ يظل بعضها دائمًا في حالة مراقبة، مما يضمن رصدًا مستمرًا على مدار الساعة.
لا تزال الأبحاث جارية لاختبار مدى حساسية المحار تجاه ملوثات جديدة مثل الأدوية ومشتقاتها، مما قد يوسع نطاق استخدامه في المستقبل. واليوم، يعتمد أكثر من 9 ملايين شخص في بولندا على المياه المحمية بواسطة هذا النظام، الذي أثبت دقته وموثوقيته، وامتد تطبيقه إلى دول أخرى مثل روسيا والولايات المتحدة.
من خلال تسخير آليات الطبيعة الفطرية، يوفر هذا النظام لصناع السياسات نهجًا منخفض التكلفة وفعّالًا لضمان سلامة المياه، دون الحاجة إلى تدخلات معقدة. ومع استمرار البحث والابتكار، يفتح هذا النموذج آفاقًا لمستقبل تكون فيه مراقبة جودة المياه أكثر استباقية وكفاءة، بإرشاد من الطبيعة ذاتها.
ما هي الفرص الأخرى التي يمكن تبنيها واستلهامها من الطبيعة؟

نظّم مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي تجربة "ابتكارات الحكومات الخلاقة" لتكون مصدر إلهام للحكومات حول العالم.
تعاون مرصد ابتكارات القطاع الحكومي مع مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي لإجراء دراسات عالمية لرصد وتوثيق أفضل الممارسات العالمية التي التي تتبعها الحكومات لتطوير وتحسين عملياتها وخدماتها بهدف تحسين حياة شعوبها من خلال تبني وتطبيق منهجيات الابتكار. تضمنت هذه العملية بحثًا مكثفًا عن الابتكارات الحكومية من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وغير الأعضاء على حد سواء ، بالإضافة إلى دعوة مفتوحة لمشاركة المشاريع المبتكرة

سيتم منح جائزة ابتكارات الحكومات الخلاقة في القمة العالمية للحكومات في دبي. وستكرم الجائزة ابتكارات الحكومات الخلاقة من مختلف أنحاء العالم وفقًا لمعايير تقييم محددة: الجدة، والقابلية للتكرار، والتأثير. وسيتم اختيار الفائز بالجائزة من بين المعروضات التي تشكل تجربة ابتكارات الحكومات الخلاقة في القمة.

تأسس مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي لتحفيز وإثراء ثقافة الابتكار في القطاع الحكومي من خلال وضع منظومة متكاملة للابتكار بحيث يصبح ركيزة أساسية من ركائز حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة تطبيقاً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الهادفة إلى تطوير العمل الحكومي، وتعزيز تنافسية دولة الإمارات بحيث تكون حكومة دولة الامارات في مصاف الحكومات الأكثر ابتكاراً على مستوى العالم.
"سيتم الإعلان عن الفائز بجائزة ابتكارات الحكومات الخلاقة 2023 خلال فعاليات القمة العالمية للحكومات في دبي. وتسعى الجائزة إلى تكريم ابتكارات الحكومات من جميع أنحاء العالم، وذلك بحسب معايير تقييم محددة وهي: الحداثة والقابلية للتكرار والأثر.
عملية تقييم طلبات الاشتراك بالجائزة
سيتم استقبال طلبات الاشتراك بالجائزة من خلال نموذج الكتروني لتقديم الطلبات عبر الإنترنت، علمًا بأن باب الاشتراك مفتوح للحكومات على جميع المستويات (المحلي والاتحادي والوطني) من حول العالم. وسيتولى مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي، بالتعاون مع شركة رائدة في الأبحاث، مسؤولية تقييم وفرز الطلبات، ثم ستقوم لجنة تحكيم مستقلة بإجراء التقييم النهائي للطلبات. وتتألف هذه اللجنة من أعضاء من المجلس الاستشاري العالمي التابع لمركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي، بالإضافة إلى عدد من الخبراء المتخصصين في مجال الابتكار ممن يعملون في مؤسسات رائدة عالميًا وفي القطاع الخاص.
سيتم اعتماد ثلاثة معايير لتقييم كل ابتكار من ابتكارات الحكومات الخلاقة على حدة، وهي: الحداثة: يعمل معيار الحداثة على تقييم مدى اختلاف الحل الجديد عن الحلول المتبعة حاليًا، وإلى أي مدى يعتمد الابتكار الحكومي على نماذج وعمليات وتقنيات جديدة، ومشاركة جهات أو أفراد جدد لتقديم الأثر المطلوب. القابلية للتكرار: يضم معيار القابلية للتكرار بُعدين مختلفين: الأول هو قابلية تكرار التحدي الذي يتناوله الحل (مدى انتشاره عالميًا)، والثاني هو قابلية تكرار استخدام هذا الحل (سهولة اعتماد الحل في دول ومناطق جغرافية أخرى من العالم). الأثر: يتناول معيار الأثر نطاق وخطورة التحدي الذي يسعى الابتكار الحكومي إلى حله، بالإضافة إلى مدى مساهمة الحل في تحسين الظروف المحيطة بهذا التحدي. انضم إلينا في حفل توزيع جائزة التجربة الحكومية الأكثر ابتكاراً عالمياً للاحتفال بأفضل الابتكارات حول العالم!"